يعتبر الاقتصاد عصب الحياة في الدول، وأي محاولة للتدخل فيه تعتبر تهديداً لأمن الدول. ولهذا السبب، تحث الدول على حماية اقتصادها بجميع الوسائل القانونية الممكنة.
هذه الحماية تتمثل في إقرار التشريعات التي تهدف إلى حماية اقتصاد الدولة ومعاقبة من يحاول تعطيله.
نظرًا لبعض الظروف الخاصة أو الاعتبارات الخاصة ببعض الدول أو المجتمعات، قد تظهر أنواع معينة من الجرائم التي قد لا تظهر في البلدان الأخرى، ومن بين هذه الجرائم بالتأكيد الجرائم المتعلقة بالاقتصاد.
ومن أبرز الجرائم الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة هي جريمة “التستر التجاري”، وسنوضح في هذا الدراسة الجانب القانوني لهذه الجريمة في المملكة العربية السعودية، حيث تعد واحدة من الدول الرائدة في تطبيق هذا النظام.
يعتبر التستر التجاري جريمة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد، حيث تسبب منافسة غير شرعية للصناعات الصغيرة والمتوسطة في تكبد خسائر كبيرة. بالإضافة إلى الغش التجاري الذي يستخدم لتحقيق أرباح أكبر مما يؤدي إلى تدمير اقتصاد البلاد وتلويث سمعة الإنتاج المحلي. هذه الجريمة تسبب في تهرب الشركات من دفع الضرائب اللازمة، مما يؤثر سلبا على ميزانية الدولة وخطط التنمية. وبالإضافة إلى ذلك، إن خروج هذه الأموال من البلاد يؤثر على الاقتصاد بالسلب من خلال عدم استثمارها في التنمية وتطوير الاقتصاد. ولا يمكن نسيان الخطر الكبير الذي يشكله غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، فإن حركة هذه الأموال تجعلها موردا أمنا لدعم الأنشطة الإرهابية وزيادة التهديد المتزايد للدول.
سنحاول من خلال هذه الدراسة تقديم تعريف بسيط قانوني لجريمة التستر التجاري. .
جريمة التستر التجاري – ما هو تعريف هذه الجريمة في إطار القانون الجنائي، وكيف يتم تحديد الفعل الذي يُعتبر جزءاً من هذه الجريمة. هل تم التعامل مع هذا الفعل بالشكل الصحيح من قبل المشرع أم أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات إضافية للحد من حدوث هذه الجريمة وتحقيق الغرض المنشود من فرض العقوبات.
سنبدأ بالتحقيق في جريمة التستر التجاري وفقاً للتشريعات المعمول بها. سنجد أن نظام مكافحة التستر في المملكة العربية السعودية الصادر برقم /22 بتاريخ 4/5/1425 هـ يوضح في المادة الأولى منه تعريف جريمة التستر التجاري.
لا يسمح لأي شخص غير سعودي – في كل الحالات – بممارسة أو استثمار أوقع على ترخيص له بذلك وفقًا لقانون الاستثمار الأجنبي وغيره من الأنظمة والتشريعات والقرارات.
بتطبيق هذا النظام، يُعاقب بالمتستر عن أي شخص غير سعودي يحاول الاستثمار في أي نشاط ممنوع له أو محظور عليه، سواء بالاستفادة من اسمه أو ترخيصه أو سجل تجاري، أو بأي طريقة أخرى.
استنادًا إلى القانون السابق والأحكام الواردة فيه، سنجد بسهولة ووضوح أنه تم تحديد العناصر التي يمكننا الاستناد إليها.جريمة التستر التجاري في السعودية تعني عمليات التوريد السري عن طريق التحايل على القوانين ودفع الرسوم والضرائب بشكل غير شرعي، وتعتبر هذه الجريمة من الجرائم الاقتصادية التي يجب محاسبة من يرتكبها.
من هم الأفراد المسؤولين عن تنفيذ النص الخاص بالمادة الأولى في نظام مكافحة التستر؟ .
بكل بساطة، جريمة التستر التجاري تعني أن يقوم شخص غير سعودي بممارسة أنشطة تجارية أو استثمارية في المملكة العربية السعودية بدون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة.
ولكن هل يتوقف الامر على ذلك؟
بالتأكيد، سنجد أن الفقرة الثانية من نفس المادة قد ارتبطت بالشخص الأجنبي في ارتكاب نفس الجريمة. وسواء كانت المساعدة قدمت من قبل شخص سعودي أو غير سعودي، فإن ذلك يعتبر تورطاً في الجريمة، سواء من خلال منحه رخصة محله التجاري أو تسجيل اسمه التجاري للعمل عبره.
بمعنى بسيط، لنقول إن حدوث هذه الجريمة يتطلب وجود ركنين. الأول يتعلق بالأشخاص، حيث يجب وجود شخص من بلد أجنبي وآخر يكون سعودياً أو أجنبياً مرخصًا للاستثمار في المملكة العربية السعودية بشكل قانوني. هذا هو الركن الأول. الركن الثاني هو أن الشخص الأجنبي المتستر يمارس نشاطًا غير قانوني ويخالف الأنظمة داخل السعودية، بمساعدة الشخص المستتر عليه بأي وسيلة.
السؤال المطروح هنا هو من هو “الأجنبي المتستر”. المشاركون في هذا المقال هم الأشخاص الذين ليسوا مواطني دول مجلس التعاون الخليجي. وفقًا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 20/4/2009 برئاسة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، يجب تطبيق المساواة الكاملة في المعاملة بين جميع مواطني دول المجلس في مختلف المهن والحرف والأنشطة التجارية والاقتصادية والاستثمارية والخدمية، باستثناء الحالات المحددة من قبل المجلس الأعلى.
ونتيجة لذلك، يعتبر الأجانب في السعودية هم الذين ليسوا من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي يخضعون لأحكام المادة الأولى من قانون مكافحة التستر التجاري السعودي.
ما هو الفعل غير المشروع وفقًا لنص المادة؟ .
نتفق على أن النشاطات المشار إليها هنا ليست مقتصرة على مجرد الأعمال التجارية، بل تشمل جميع النشاطات الاقتصادية والمهنية والحرفية. ولا تعتمد على تسجيل تجاري فقط ولكن على اسم التاجر .او علامته التجارية ، وترخيصه العام هو أي ترخيص يمكن للشخص الأجنبي من خلاله ممارسة نشاطه وتسهيل أعماله.
متى يمكن القول بوقوع جريمة تستر تجاري؟ هل مجرد إجراء بعض العمال الأجانب لمعاملات تجارية يعتبر كافيا لتأكيد وقوع هذه الجريمة؟
لنقول إن هناك أشخاص قاموا بارتكاب جريمة التستر التجاري، وفقا لما ينص عليه النظام. يجب على الجانب الأول، وهو الأجنبي المتستر، أن يقوم بممارسة أي نشاط تجاري أو اقتصادي أو مهني أو حرفي لصالحه ولتحقيق ربح شخصي من هذا النشاط، على الرغم من أن ذلك محظور عليه.
في نفس الوقت، يتلقى المعاونة من الجانب الثاني، وهو الشخص السعودي أو الأجنبي الذي يحصل على ترخيص لممارسة نشاط معين، حيث يتعين عليه توفير جميع الوسائل الضرورية لإدارة هذا النشاط. يمكنه تأجير أو توفير استخدام الاسم التجاري أو العلامة التجارية أو الترخيص التجاري للشخص الأجنبي بالرغم من الحظر المفروض عليه في ذلك، دون مقابل أو بمقابل مادي يُحدد بشكل منتظم لتوفير تلك المعاونة أو التسهيلات الممنوحة.
يتبين أن الطرفين هنا يدركان بثقة أنهما ينتهكان القوانين والأنظمة المعمول بها في البلاد. يعني ذلك أن القصد الجنائي العام يكفي في هذه الحالة لاعتبار وقوع الجريمة دون الحاجة إلى تحقق القصد الجنائي الخاص. لذلك، يجب التحقق من اتجاه نياتهم باتجاه ارتكاب الجريمة أو عدمها.
ومع ذلك، الشرط الرئيسي والذي يجب دائما إثباته في جريمة الاحتيال التجاري، ولا يمكن التنازل عنه.
إنها ممارسة الشخص الأجنبي النشاط الممنوع عليه في سرية لصالحه وربحه.
عندما يقوم الأجنبي بإثبات أن الأنشطة التي قام بها والأرباح التي حققها تعود إلى صاحب العمل وأنه لم يقم بأي تستر تجاري، يتم إلغاء تهمة التستر التجاري بالكامل.
قد يقوم الشخص الأجنبي بتنفيذ أو إنهاء بعض العمليات التجارية، أو التفاعل مع البنوك والمؤسسات المالية من خلال عمليات السحب والإيداع. السؤال هنا هو ما إذا كانت هذه الأعمال تمت لصالحه شخصيًا، أم أنه كان يقوم بها بصفته وكيلاً أو مندوبًا عن صاحب العمل. في حال كان الشخص الأجنبي يعمل بهذه الطريقة، فإنه لن يكون مخالفًا للقانون، حتى لو كانت نتيجة عمله الحصول على عمولات أو رسوم مالية، لأن ذلك يكون مسموحًا به ضمن نظام العمل والعمال.
وقام المشرع السعودي باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع هذه الأفعال من خلال جعلها غير قانونية وتحديد عقوبات جزائية لأولئك الذين يرتكبونها.
هل تسببت العقوبات المفروضة في القضاء على جريمة التستر التجاري؟
العقوبات الجزائية في حد ذاتها ليست الحلا الفعالا لمثل هذه المشكلة، ولذا يجب التركيز أولاً على مسببات ظهور وانتشار الجريمة ومحاولة منعها بدلاً من مجرد فرض العقوبات. يجب أيضاً إجراء التعديلات القانونية اللازمة للحد من الظروف التي تساهم في وقوع وتفشي الجريمة.
على الرغم من فتح الباب أمام الاستثمار في السعودية، إلا أن جريمة التستر التجاري ما زالت تحدث بسبب سهولة ممارسة الأنشطة التجارية مقارنة بالطريقة المعتمدة من قِبل الهيئة العامة للاستثمار.
أحد الأسباب التي ساهمت في انتشار هذه الجرائم في السعودية هو بعض شركات استقدام العمالة الأجنبية إلى البلاد. من الضروري وضع قواعد صارمة لمتابعة هذه الشركات وضبط عدد العمالة الوافدة وأنواعها وحاجتها الفعلية في سوق العمل. يجب مراقبة ومتابعة هذه الشركات للتأكد من أنها تلتزم بالقوانين ولا تخرج عن نطاق أعمالها المخصصة. كما يجب التفتيش على أصحاب الأعمال الصغيرة مثل المحلات التجارية والبقالات للتأكد من صحة بياناتهم وشخصية المدير الفعلي للنشاط التجاري.
استقدام العمالة الوافدة دون توفير فرص عمل حقيقية لهم سيجعلهم يسعون لإيجاد مصادر دخل أخرى. يمكن لهم بعد ذلك تأسيس أعمالهم الخاصة بينما العمالة الأجنبية الموظفة لأغراض محددة تتلقى رواتبها بانتظام وتبقى مرتبطة بعملها الحالي دون الحاجة للبحث عن مصادر دخل بديلة.
من جانب آخر، ينبغي اتخاذ بعض الإجراءات في المجتمع نفسه، مثل تشجيع الشباب على اتباع الحرف اليدوية والصناعات الصغيرة لسد هذا النقص، مما يساعد على استبدال العمالة الأجنبية بالعمالة المحلية وبالتالي خلق فرص عمل جديدة.
فيما يتعلق بعلاج هذه الجريمة، هناك جانبان: الجانب المجتمعي والجانب القانوني.
يهدف المجتمع الأول إلى تغيير بعض الأفكار الاجتماعية التي تعيق العمل في المجالات التجارية الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الناس على ممارسة هذه الأعمال بتغيير نظرتهم إليها. ورغم صغر حجم هذه الأعمال أو قلة العائد المادي الذي قد يكون لها، يتوقف الكثيرون عن ممارستها بسبب النظرة الاجتماعية المسيطرة. من جهة أخرى، الأفراد الذين يجدون صعوبة في العيش يحاولون زيادة دخلهم من خلال العمل في مهن صغيرة متعددة، والتي قد يحجم البعض عنها. ومع ذلك، هذه المهن ضرورية للاقتصاد ولا ينبغي تجاهلها، بل يجب تنظيمها وتشجيع الشباب على دخولها.
مشاركة نتائج التطوير في مكافحة هذه الجريمة ونتائج العقوبات المفروضة ستزيد من الوعي لدى المجتمع وبالتالي ستقلل من ارتكاب هذه الجرائم.
ثم نصل إلى الجانب القانوني في الأمر، حيث يتطلب تحديث الأنظمة ذات العلاقة من خلال إدخال التعديلات اللازمة، وتسهيل إجراءات الاستثمار للأجانب الذين يرغبون في ممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية بشكل قانوني داخل البلاد وهو ما نلمسه في الأونة الأخيرة في المملكة العربية السعودية من تحديث للأنظمة وتشجيع الاستثمار الأجنبي . إن هذا القطاع ضروري للاقتصاد المحلي للاستفادة من الخبرات والمهارات، ويجب دمجه لتحقيق نتائج أفضل. ومن الضروري الاستمرار في تطبيق أنظمة مثل نظام الأجور لضبط دخل العمالة الوافدة وتحسين الوضع المالي. كما يجب التأكيد على تطبيق نظام العمل والعمال لضمان عدم ترك العمالة بدون عمل أو دفع الأجور، مما يحد من التستر التجاري ويقضي على ظاهرة غسيل الأموال. تطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة التستر ونظام مكافحة غسيل الأموال سيسفر عن نتائج إيجابية عالية.
وتعتبر شركة دعم للمحاماة والاستشارات القانونية من أشهر شركات المحاماة في المملكة العربية السعودية ، والتي توفر لعملائها الحصول على استشارات قانونية في جدة والرياض والدمام ومختلف مدن المملكة بكافة الوسائل المتاحة للعملاء.
لحجز موعد والاستشارات القانونية نرجوا التواصل معنا عبر رقم جوال خدمة العملاء : 0558882253
او عبر الإيميل: info@daamlaw.com
نسعد دائماً بخدمتكم
كلمات دلالية مفتاحية لمحركات البحث قوقل :
شركة محاماة جدة – شركة محاماة الرياض – شركة محاماة الدمام – افضل مكتب محاماة – استشارات قانونية جدة – افضل محامي الرياض – افضل محامي جدة – افضل محامي الدمام.